Menu

أسئلة الاشتباك الموجعة 

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

لا توجد كلمات كافية لنعي الشهيد عدي التميمي، فعل البطولة، والشجاعة والإقدام، والإصرار، والتحدي، وعبقرية خيار الاشتباك، ووضوح الرؤية سياسيًا ووطنيًا، واتصالها جذريًا بحقيقة هذا الصراع والمرحلة التي يمر بها النضال الفلسطيني ضمن هذا الصراع، إرادة واعية تبصر الواقع وتعمل على تغييره بفعل بطولي هو التضحية.

وقد مثلت حالة الالتفاف الشعبي حول خيار الشهيد، ورمزية فعله البطولي، نقطة انطلاق جديدة لاستعادة الفعل الجماهيري لاتساعه، إلى جانب نظيره المسلح الآخذ في التطور والتجذر، وفتح باب لأسئلة حقيقية وجادة حول الاشتباك في الضفة الغربية، وأدوات الاشتباك والعلاقة بين أدوارها، ورغم أن الفلسطيني لم يتمكن بعد من إحداث التغيير الجذري المطلوب في البيئة الأمنية في ساحتي الضفة والأرض المحتلة عام ١٩٤٨، إلا أن المزاج الجماهيري العام قد تجاوز حالة سلبية هيمنت عليه لسنوات عدة، كما تمكنت بؤر ومجموعات الاشتباك المسلح اليوم من انتزاع مساحة لفعلهم في ظل ظرف أمني مجافي، باتت تستعيد الفعل الشعبي وتتصل بالجماهير، معبرة عن فهم متجدد للتكامل بين أدوات المقاومة المختلفة.
 

ومع ذلك ما زالت حالة النضال الفلسطيني في الضفة، تعاني من آثار عوامل الانقطاع الطويل عن التجربة النضالية الفلسطينية، وفي كثير من جوانبها يبدو الفلسطيني وكأنه ملزم بإعادة الاتصال بتجربته الماضية ودروسها وأدواتها، وفي الوقت ذاته استيعاب كل ما حدث من متغيرات.

إن بطولة الفرد السامية في معانيها، تعبير مكثف عن سياق اجتماعي وسياسي يغذيها ويتأثر بها، فلطالما كان شهداء العمليات الفردية هم أبناء لبيئة النضال الوطني الفلسطيني، عملوا على استعادة فعلها حين أعجزتها القيود وأوجه القصور، وشكلوا منابر تجديد للوعي بالدور والهوية، ولكن العنصر الذي يجب أن ننتبه له أيضًا بشأن هؤلاء الفدائيون هو تشكيلهم نموذجًا قادرًا على تجاوز منظومات الرقابة والملاحقة الأمنية الصهيونية، جيل وعى على هذه المنظومة، لا يحاول تكرار ونسخ تجارب سابقة ويدرك أن عليه أن يلج ويخترق جدران العدو من ثغرات مختلفة، لم يعيها جيل سابق أو نظريات وتنظيرات قديمة حول الاشتباك، لم تكن لتبصر إمكانية امتداد أدوات الرقابة لهذا الحد ووصولها لهذا العمق، وأيضًا لم تبصر القدرات الإضافية للجماهير في عصرنا الحالي.

في المسافة الواصلة بين "المجموعات العسكرية"، سواء تلك التابعة مباشرة للفصائل أو غيرها، هناك دور واجب للأدوات والأجسام التنظيمية الفلسطينية، دور الحشد والتنظيم وابتكار المهمات الفرعية للاشتباك اليومي مع العدو، منح شعبنا أهدافًا مفيدةً وصناعة أنساق منسجمة من الأفعال الفردية والجماعية المحلية والوطنية العامة، تكون بتضافرها ومجموعها نمط جديد للاشتباك، وأداة جديدة تستنزف العدو حيثما يجب. 

إن الحديث عن الفعل الجماهيري هو شعار ضبابي، كما أن إغلاق مجموعة من أشبال المولتوف لشارع التفافي بكمين صغير هو فعل احتجاج، ولكن وضع استهداف طرق المستوطنين وقوات الاحتلال بعشرات من المجموعات وآلاف من المناضلين على طول وعرض البلاد في الضفة والداخل المحتل، يعني أن هناك نمطًا نضاليًا، يسعى لمنع العدو من التحرك وشل حركته، بل وفتح الباب لأنماط نضالية أخرى تهدف لتطويق مستوطناته.

شعبنا رغم انغماسه في النضال منذ أمد بعيد،إلا أنه ليس كتيبة جيش تتحرك بأمر عسكري، ولكن مجتمع حي ومبدع قادر على التفاعل مع مسار النضال وتغذيته، وابتداع مسارات جديدة داعمة باتجاه تحقيق الأهداف الرئيسية للنضال، ولكن هذه المهمات تحتاج حقًا للعمل الجماعي المنظم، وبالتالي تكون الشعارات المبهمة حول قدسية الجماهير وعفويتها هي أداة تعطيل أكثر من كونها أداة فعل، ويكون رفع صورة الفرد البطل كنقيض للمجموع المنظم مادة لخلق جدليات مضرة ومعطلة؛ إذ يقف شعبنا على أهبة كسر أطواق احتلالية عدة قيدت فعله لسنوات طويلة، يكون اختيار المهمات والأدوات والجدل حولها، مهمة نضالية أساسية، مهمة لم تنهض فصائلنا وأجسامنا الوطنية وأجهزتنا ومؤسساتنا بنظم الأدوات الملائمة لها، هذه الأداة لها اسم يعرفه شعبنا، واسم يريده هذا الشعب، قيادة وطنية موحدة، لجبهة مقاومة وطنية.